من أكثر القضايا الشائكة في الشريعة الإسلامية هي قضية وصية الميت. التي يجب أن يلتزم بها أهل الميت بأن يقوموا بتفيذها كما حددها قبل موته. وسوف نستعرض في هذا المقال الضوابط الخاصة بالوصية وحكم عدم تنفيذها في إطار الشرع الإسلامي. بالإضافة إلى ذلك، توقيت تنفيذ الوصية والمعاد المحدد لها الشريعة الإسلامية. و كذلك، المحظورات الخاصة بعدم تنفيذها في إطار الشريعة.
مفهوم الوصية في الإسلام
تعرف الوصية بأنها مستند معترف به من قبل الجهات القانونية في لقوانين المواريث. لذلك، يقوم فيها الفرد بتحديد مجمل أملاكه وتوزيعها على الورثة تبعا للشريعة الإسلامية. أما إذا قام بتخصيص جزء من أملاكه لشخص معين على حياة عينه فإن ذلك تعبتر هبه. وليست وصية ويجوز فيها للشخص تحديد أملاكه حسب رغبته الشخصية دون الالتزام بقواعد فقهية محددة.
ما هو حكم الوصية في الإسلام؟
لا يلزم الشرع بوجوب الوصية ولكن أوصى بوجوب تنفيذها في حال كتابتها أو الإقرار بها شفهيا حيث الزم أهل المتوفي بتفيذ ما جاء في الوصية. حتى وإن تعارضت مع مصالحه الشخصية. وجاء ذلك بموجب الآية الكريمة: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ”.
وبالتالي فإن الوصية من الأمور المستحبة فعلها في الإسلام، وتنفيذها أمرًا حتميًا على أهل الميت وأقاربه، ولكن إذا كان الشخص مدين لأحد بأموال ولم يقض هذا الدين لأي سبب من الأسباب، فإن كتابة الوصية في هذه الحالة أمرًا واجبًا حيث يجب عليه أن يبرأ ذمته منه عن طريق سداد الدين عقب وفاته من حر ماله.
أهمية وصية الميت في المجتمع
- للوصية أهمية ودور كبير في المجتمع حيث تحفظ لأهل الميت حقوقهم مما يؤدي إلى تقليل النزاعات بين أفراد العائلة.
- تؤمن الوصية مستقبل الأطفال القاصرين الذين ليس لديهم الحق في التصرف في أموالهم طبقًا للشرائع والقوانين.
- كتابة الوصية تضمن حقوق الأبناء وتهدئ من مخاوف الآباء في حفظ حقوق ذويهم من الطمع أو الضياع أو غيره.
- تساعد على تحقيق التآلف بين الورثة والتقليل من الضغائن الناتجة عن عدم تحديد حقوق أهل الميت وذويه.
ما هي المحظورات الشرعية لتنفيذ وصية الميت؟
حددت الشريعة أيضًا المحظورات التي بموجبها يجوز لأهل المتوفي عدم تفيذ الوصية المكتوبة، حيث لا يجوز تنفيذ الوصية إذا كانت مخالفة للشرع أوبها ظلم لحقوق الأبناء سواء كانوا إناثًا أو ذكورًا، وذلك لأن الشرع أوجب المُوصي بالعدل بين الأبناء والالتزام أيضًا بالضوابط الشرعية المحددة في فقه المواريث.
يمكن الاستشاد بحديث النبي في هذا الموضوع حيث قال ﷺ: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث فليس لأحد أن يوصي بالمال لبعض الورثة لا لبنات ولا غير بنات، بل المال يكون للجميع”.
متى تُنفذ الوصية؟
يتم فتح الوصية بعد دفن الميت. فعند حدوث الوفاة يسارع أهل الميت في دفنه في المقابر الشرعية لأن إكرام الميت دفنه. وبعد الانتهاء من مراسم الدفن والجنازة، يقوم أهل الميت بفتح الوصية التي تركها المتوفي. والبدء في تنفيذها على الفور، على أن يقوم أحد الورثة بدفع أي مستحقات مادية على الميت. و لذلك، حتى يأمن في قبره وينجى من العذاب.
وفي حالة إذا كان المتوفي غير مدين لأحد، يتم البدء في توزيع مملتكاته حسب ما أوصى بيه في حدود الشريعة الإسلامية. ولا بأس من توزيع جزء من أملاكه كصدقة جارية إذا أوصى بذلك دون المماس بحقوق الأبناء، فالأصل في الشرع أن تقسم أموال المتوفي إلى الثلث حيث يوزع ثلث على الورثة وثلث يحق للميت أن يوصي بتوزيعه كصدقة جارية له عقب وفاته.
وفي الختام، تعد الوصية من الأمور المستحبة في الإسلام لأنها تضمن حقوق الأقارب والأبناء وبذلك يبرأ العبد ذمته أمام الله عز وجل في توزيع التركة حسب الشرع وبالتالي فهي وسيلة فعّالة لضمان حقوق العباد و نيل رضا الله.